القائمة الرئيسية

الصفحات

رحلة داخل العالم المجهري




عندما ننظر حولنا، يصيبنا الذهول من اتساع العالم و الفضاء و الكون المحيط بنا. لكن ربما لم ننتبه لعالم آخر من حولنا، عالم من الأشياء المنتاهية في الصغر والذي يوجد هنا قريب من أي أحد. هذا الكون الصغير لا يمكن مشاهدته بأعيننا ومع ذلك فهو غامض مثل اتساع الكون.


لذلك في هذه المقالة سنذهب في رحلة في الغوص داخل هذا العالم المجهري.


1. من المليمتر الى المايكرومتر


تخيل أننا تقلصنا مئة مرة. يمكننا الأن رؤية نحلة بالتفصيل، هذه التفاصيل لم نكن لنراها في حالتنا العادية، تبدو مغطاة بأكوام من حبوب الطلع. يمكننا كذلك رؤية بلورة الثلج و حبة ملح بالتفصيل. 


كل واحدة من هذه البلورات أكبر بمرتين إلى خمس مرات من عثة الغبار التي يوجد منها الآلاف في بطانياتنا و وسائدنا. 



عثة الغبار


في حدود 120 ميكرومتر، نبدو في حجم بويضة بشرية، والتي يبدو قطرها مساو لسمك شعرة، أو حجم خلية نباتية.


يمكننا كذلك في هذا المقياس رؤية بعض أنواع الكائنات وحيدة الخلية مثل الباراميسيا. 


في حدود ال50 ميكرومتر، أصبحنا قريبين من أبعاد أكبر الخلايا الحيوانية و أيضًا أبعاد حبوب اللقاح التي رأيناها متكتلة بالمئات على أرجل النحلة.


إذا أصبح حجمنا قريب من 25 ميكرومترا، يصبح بإمكاننا رؤية تفاصيل كريات الدم البيضاء التي تمثل إحدى مكونات جهازنا المناعي. أقل من ذلك بقليل، في حدود ال8 ميكرومتر، تتضح لنا تفاصيل كريات الدم الحمراء و الحيوانات المنوية، والتي بدورها تعد أكبر بمرتين من حجم قطرات المياه المجهرية التي تكوّن الغيوم.


في حدود ال1 ميكرومتر، يمكننا رؤية الكائن الذي يكوّن غذاء الباراميسيا، نوع من البكتيريا. بالنسبة لهذه الكائنات، فإن الخلية الحيوانية لها نفس حجم ناطحة السحاب بالنسبة لنا.


2. مقياس النانومتر


هذه البكتيريا، إذا ما قارناها بحجم الفيروسات، فإن أصغر بكتيريا يبلغ حجمها من ضعفين الى 50 ضعفا حجم الفيروسات (التي تتراوح أحجامها من 20 الى 450 نانومتر).



البكتيريا



بالنسبة لهذه الفيروسات، تعد الميتوكوندريا (التي توجد بالآلاف في الخلية البشرية)، بحجم ناقلة نفط عملاقة بالنسبة لنا. لكنها أكبر ب10 مرات على الأقل من الحمض النووي البشري المزدوج.


3. المقياس الجزيئي



بين قسمي الحمض النووي يمكننا ان نضع 10 جزيئات من الماء بجانب بعضهم. وللوصول إلى سمك الشعرة ، سيكون من الضروري إضافة 500 ألف جزيء آخر.


إن جزيء الماء صغير جدًا. صغيربحيث إذا تم تكبيره ليصبح بحجم البشر، فإن البشر سيكونون بحجم جسم مثل الشمس. في كوب ماء  به 0.3 لترا، هناك ما يقرب من 10 ملايين مليار مليار جزيء.


4. المقياس الذري وما دون الذري


ولكن هناك أشياء أصغر من جزيء الماء أيضًا.  فمن خلال التكبير أكثر، سنصل الآن إلى مقياس الذرة. من هنا، ستأخذ رحلتنا منعطفًا مختلفًا تمامًا عن طريق عبور هذه الحدود الرمزية التي تبلغ عُشر نانومتر.


إذا دخلنا وسط الجسيمات دون الذرية، فلن نتمكن من تمثيل الأشياء بدقة، لأن تصرفها يختلف تماما عن تصرف الأشياء الكبيرة. (للمعرفة أكثر عن تصرف الجسيمات دون الذرية انقر على هذا المقال ).


ولتبسيط الأمر، لنقل أن هناك نواة مركزية تدور حولها الإلكترونات ، لكن طبيعة وسلوك هذه الإلكترونات لا يتشابهان بأي حال من الأحوال مع أنواع الحركة التي اعتادنا عليها العالم من حولنا. 


هذه الإلكترونات لا تدور في الواقع حول النواة، أو بالأحرى لا نعلم كيف تتحرك حول النواة. ولذلك يتحدث المختصون في هذا المقياس عن احتمالية وجود الإلكترون، وذلك من خلال محاولة تمثيل جميع المناطق التي من المرجح أن نجده فيها.


من خلال الاستمرار في الغوص في هذه البيئة الغريبة حيث تحدث الأحداث في فترات زمنية تجعل النانو ثانية أبدية ، فإننا نقترب الآن من مركز النواة حيث نجد البروتونات والنيوترونات.


هذه البروتونات والنيوترونات (التي تتكون في حد ذاتها من كواركات) أصغر بمئة ألف مرة من الذرة نفسها. بعبارة أخرى ، فإن الاختلافات في الحجم بين الذرة والعناصر المكونة لنواتها، هي نفس الإختلاف الذي يفصل أبعاد الفيروس الصغير عن الخلية ، والذي يفصل حجم الخلية عن حجم النحلة ، والذي يفصل حجم النحلة عن حجم بناء كبير.



المقياس الذري



إذا قمت بزيادة حجم مكونات النواة ليصبح حجمها مترا واحدا ، وإذا حافظت على نفس أبعاد الذرة في هذا التكبير، فإن الإلكترونات ستدور على بعد حوالي 100 كيلومترا.


ومع ذلك فإن وزن الذرة تقريبا متركز كله في نواتها. تخيل أننا نمتلك مكعبا من المادة طول ضلعه 1 صنتيمتر. إذا ملأنا كل الفراغات التي في ذراته بمكونات نواة الذرة، فإن وزنه سيكون قريبا من 100 مليون طن !


هذه الذرات هي المكونات الأساسية لأي جسم في الكون، إذ يحتوي جسم الإنسان (الذي يزن 70 كيلوغراما) على  عدد من الذرات أكبر من عدد النجوم في الكون المرئي ب 100 الى 10000 مرة.


لمدة طويلة، كنا نتصور أن الذرات هي اللبنات الأساسية التي تكوّن المادة. لكن اتضح بعد ذلك أنها تتكون من عدة جسيمات، بروتونات و نيوترونات، التي تتكون من كواركات. و إذا قارنا حجم الكواركات بحجم بالإنسان، فإن حجم الإنسان أكبر بمئة مرة بالنسبة للكوارك من المسافة التي تفصلنا عن النجم الأقرب إلى الشمس.



5. سلم بلانك


في الواقع، في رحلتنا هذه، انتقالا من حجمنا الأصلي ووصولا الى حجم الكواركات، لم نسلك سوى ثلث الطريق نحو أصغر الجسيمات الافتراضية التي يعتقد بعض الفيزيائيين بوجودها. والتي توجد بحجم طول بلانك.


على هذا المقياس ، تتنبأ الفيزياء النظرية بوجود تقلبات شديدة وغير متوقعة في الزمكان ، مما يجعل مفهوم الطول والأبعاد بلا معنى.




تعليقات

التنقل السريع